هذه سطور بسيطه عن أبرز قضايا ابن قتيبه في كتابه الشعر والشعراء
ابن قتيبه : (276هـ)
أهم القضايا التي تناولها في كتابه الأبرز الشعر والشعراء .
القضية الأولى: تقسيم الشعر ( لفظ، معنى )
فالشعر عند ابن قتيبه ،أربعة أضرب :
1. "ضربٌ حَسُنَ لفظه وجاد معناه.
2. وضربٌ حَسُنَ لفظه وحلا ولا فائدَة في معناه.
3. ، وضربٌ جاد معناه وقَصُرَت ألفاظه عنه.
4. وضربٌ تأخرّ معناه وتأخرّ لفظه(1)".
فقسم الشعر ابن قتيبه قسمةً حادّةً صارمة ، يتضحُ فيها الاسلوب المنطقي، مع أنه كان كارها له (وقد هاجم هؤلاء الذين يجرون وراء المصطلحات الفلسفية التي ورثوها عن أرسطو،وكما هو واضح أنه لم يستطيع أن يخلص نفسه من تأثير الفكر الأرسطو طاليسي عليه(2) ، وكان لابن قتيبه ناحيتان :ناحية الروح العلمية،وناحية الذوق الأدبي ،فهذه القسمة الصارمه بين اللفظ والمعنى تعبر عن روحه العلميه التي غلبت عليه في كتابه(3).
فالشعر عند ابن قتيبه تبعا لهذا التقسيم : لفظ ومعنى ، فإذا نظرنا إلى بعض الأبيات التي استشهد بها ابن قتيبه مثل قول
لبيد بن ربيعه :
ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه الجليس الصالح
وقول النابغة الذبياني :
خطا طيف حجن في جبال متينة تمد بها أيد إليك نوازع
فبيت لبيد احتوى على حكمه ولهدا أعجب ابن قتيبه به ، وبيت النابغة لم يحتوى على حكمه . فبهذا هو رديء المعنى عنده ، مع أنه احتوى على صوره ،
يقول ابن قتيبه فيه ( رأيت علماءنا يستجيدون معناه ........ وعلى أني لم أرى المعنى جيدا )(4)
ورؤيته للمعنى كما سبق : أن يكون محتوي على حكمه ،ومعنى أخلاقي . وأما أن كان الشعر يحتوي على جمل جمليه،صادقه، معبره ، أو تعبير عن شعور صادق فهذا ليس بشيء عند ابن قتيبه .
1- الشعر والشعراء ص64إلى69
2- انظر:قضايا النقد الأدبي والبلاغة للدكتور محمد زكي العشماوي ص277
3- النقد العربي القديم د/العربي حسن درويش ص74
4- الشعر والشعراء ص68
ورؤيته للفظ : أن يكون (حسن المطالع والمخارج والمقاطع والسبك ، عذبة لها ماء ورونق ، سهلة بعيدة عن التعقيد ، والاستكراه قريبة من أفهام العوام، ليس فيها بشاعة وتكون حسنه إذا خلت من عيوب الشعر وضروراته ،واستقام الوزن وحسن الروي )(1)
القضية الثانية : القديم والحديث :.
يقول في كتابه الشعر والشعراء : لم أسلك فيما ذكرته من شعر كل شاعر مختارا له سبيل من قلد أو استحسن باستحسان غيره ،ولو نظرت إلى المتقدم منهم بعين الاحتقار لتأخره ، بل نظرت بعين العدل على الفرقين واعطيت كلا حظه ووفرت عليه حقه )(2)
(نرى ابن قتيبه في قوله هذا يضع مبدأ فكريا جوهريا في النقد إذ أنه ينادى بالفصل بين الشعر وزمن قائله فلايحكم
على الشعر بالقبول أو الاستهجان لأن قائله يعيش في زمن معين ، بل يجب أن يحكم عليه لجودته أو قبحه وأن يقدر بمقدار ماحوى من عناصر جمال التي تسمو به ، وتميزه من سواه )(3)
فمن يحكم لشعر بالجودة لقدامة العصر ، كان في عصره ليس قديم بل معاصر ، وعلى نظرة هذه النظرية يكون شعره ليس مفضل عند أهل عصره ، فمن باب أولى أن يكون كذلك عند من بعدهم . بحسب ما تقول النظرية .
(وأن الله لم يقصر العلم والبلاغة والأدب على زمن معين ، ولاخص به قوم دون قوم ، بل جعل ذلك مقسوما بين عباده في كل دهر. )(4)
وعلى أساس ذلك ما قاله الجاحظ -هو السابق للقضية- وابن قتيبه صحيحا .
1. تاريخ النقد الأدبي عند العرب طه احمد إبراهيم ص128،129
2. الشعر والشعراء ص62
3. النقد الأدبي القديم أصوله وتطوره د/سعود عبد الجابر ص61
4. محاضرات في تاريخ النقد الأدبي عند العرب إبتسام مرهون ، ناصر حلاوي ص181
نريد من الإخوه أن يستفيدوا ويفدوا بنقدهم لما كتبت من ناحية الإملاء وصحة المعلومات