الشعر والشعراء مع ابن قتيبة رحمه الله
كتاب ( الشعر والشعراء ) للإمام العلامة أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوريّ ( 213 هـ - 276 هـ ) ، من أعذب وأجمل الكتب وأمتعها ، فهو بحق كتاب ماتع ، ويعده الأدباء من أصول كتب الأدب العربي ، بل من أوائل كتب النقد الأدبي ، وهذا الذي يستعرضه ابن قتيبة في مقدمته وفي أثناء كتابه .
ما يميز هذا الكتاب الجميل هو أن مؤلفه من أعلام أهل السنة وعلى منهج أهل الحديث ، فقد سمّاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بـ ( خطيب أهل السنة والجماعة ) مقابلة للجاحظ الذي يلقّب بخطيب المعتزلة ، لذلك ستجد في كتابه النقد الأدبي على ضوء عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة ، لذلك لن تخش على نفسك من لوثة الاعتزال أو الفلسلفة أو إسفاف الشعراء وتبذل بعضهم .
الكتاب يستعرض في مقدمته كلام المؤف لمحتوى الكتاب ، ومن الذي سيترجم لهم في كتابه ، وبيّن أنه لم يقصد كل الشعراء بل قصد المشاهير منهم ممن يحتجّ بهم في القرآن والسنة وغريب الحديث والإعراب ، وذكر في تراجمهم أسمائهم وقبائلهم و بعض قصصهم وأخبارهم وملحهم .
ثم سينتقل بك المصنف – رحمه الله – إلى القسم الثاني من مقدمته وهي مقدمة جميلة ماتعة رائعة تتلذذ وأنت تقرأها حقيقة وهي في ( أقسام الشعر ) أو ( أضراب الشعر ) ، ثم سيذهب بك إلى القسم الثالث من مقدمته وهي ( عيوب الشعر ) ، وهنا ينتهي القسم المتعلق بـ الشعر ، ثم يبدأ بـ الشعراء ، وقد تناول شعراء الجاهلية والإسلام ، واستهل بـ امرئ القيس ، واختتم بـ أشجع السلمي ، حسب الطبعة التي عندي فقد ترجم ابن قتيبة لـ 206 شعراء .
كانت بدايتي مع هذا الكتاب قبل 5 أو 4 سنوات عندما كنت في المدينة المنورة ، ذهبت إلى مكتبة المسجد النبوي ووقعت عيني على هذا الكتاب فجلست أقرأ فيه وأتصفحه ، فأعجبت به جدا واستفدت منه ، فوقع في قلبي هذا الكتاب فعزمت على شراءه – وكانت الطبعة التي قرأت منها في المكتبة قديمة - ، فبحثت عنه على حسب قدرتي ولم أجده حتى فترت همتي عن البحث عنه ولم أتوقع أن أحصل عليه ، إلى أن زرت بعد سنة مكتبة العبيكان فرع المدينة النبوية ، وقد وجدته هناك ، لكن لمّا رأيت الطبعة أحبطت جدا إذ لا أعرف كيف أصف لكم الطبعة ، حيث كان الخط غير مفهوم وغير واضح ، فتركته . ثم في أحد معارض الكتاب لدينا في الكويت بحثت عنه ووجدته عند مكتبة صادر – وأظنها لبنانية - ، وأيضا كان بنفس نمط الطبعة السابقة ، وبعد سنة أيضا في نفس المعرض بحثت عنه مرة أخرى ووجدته عند دار الأرقم بتحقيق الدكتور عمر الطبّاع ، وفي الحقيقة كانت من أجمل الطبعات التي رأيتها ، وتمتاز أنها مشكولة مضبوطة فبإمكانك قراءة الشعر بشكل صحيح وتفهمه قدر استطاعتك ، لذلك حسب ما اطلعت عليه شخصيا إذا عزمت على شراء الكتاب فأنصحك بهذه الطبعة الرائعة ، وقد قرأت أن هناك طبعة لدار الكتب العلمية سنة 2000 بتحقيق وضبط : د. مفيد قميحة ، والأستاذ محمد أمين الضناوي ، قد انتقد التحقيق عبد الحكيم خيران في مقال له وجدته على موقع ( المجلة الثقافية ) ، وقد قال فيه : ( وقد ورد في المقدمة التي حررها الأستاذ الضنّاوي أنه عمل في تحقيقه على تصويب ما شاب أوزان الأبيات الواردة في متن الكتاب من خلل. غير أن المتصفح للكتاب يهاله حقاً أمر الخلل والزلل الجلل الذي ورد في هذا الجانب، إلى حدّ أننا عددنا ما ينيف عن ثمانين مرة زلت فيها قدم المحقق فيما يتعلق بالأوزان لوحدها، ليقفز في الذهن سؤال عريض: هل كان الأستاذان قد أعدّا من الزاد ما يكفي لركوب هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر، على حين يبدو عدم إلمامهما بعلم العروض بيّناً؟ إذ أية أعذار يمكن أن نلتمسها لهما في السقطة الكبرى التي سقطاها، والمزلق الخطير الذي زلا إلى مطبه؟ وسوف نورد في ما يلي بضعة أمثلة لذلك، تراكمت كالجبل على امتداد الصفحات، مع التنويه إلى أننا لن نخوض في التفعيلات والزحافات والعلل التي داخلت الأبيات التي جانب فيها المحققين الصوابُ. إذ لو جئنا على ذلك لامتدّ الحيز على نحو أكبر مما نبغي في هذه السطور . ) ثم بدأ بذكر الأمثلة على ما ذكره .
وهذا ما لديّ شخصيا في التعريف بالكتاب ، وما أستطيع خدمتكم به ، ومن كان لديه أي شيء يفيدنا عن الكتاب أي يصحح لي شيئا خصوصا في الطبعات فلا يبخل علينا .
وبإذن الله تعالى ، سوف أقوم بإدراج مقدمة ابن قتيبة عن الشعر بأقسامها الثلاثة لما رأيت فيها من كبير فائدة ومتعة ، وسوف تستمتعون معي بذلك باذن الله تعالى .
وكتب ،،
أبو الزبير الأنصاري
{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}